
عن شركة تراضي
تراضي الفكرة
بينما نكون في الزحام أثناء تجوالنا في الاسواق والطرقات او نفسح لانفسنا متأملين على ضفاف احدى الاودية او الانهار او البحار او حتى المحيطات العظيمة ‘ اونجلس الى اصدقائنا وأسرنا وشركائنا في هدوء فنتداول في شؤننا الخاصة او المهنية ‘فجأة قد يطرأ علينا فكرة ما قد لا نهتم بها بادئ الامر ‘ولكنها تظل تلح علينا حتى تتملك خلايا عقولنا وتتملك وقتنا وتدفعنا الى التخطيط والتدبير ثم العمل على تنفيذها ودعوة الاخرين للمساهمة والمشاركة في البناء ‘ وقد تصل بنا الى تكوين شراكات استثمارية تساهم في بناء مستقبلنا ومستقبل الاجيال القادمة وتدعم قضايا السلام والوحدة لبلدنا.
هكذا كانت تراضي فكرة كشمعة في ايام قاسية مضت حملتها بين الجوانح وبحثت فيها مع نفسي وآخرين وأستقر الحال الي تأسيس شركة بذات الاسم كما تم في هذه البوابة الالكترونية ولكن كنت لااملك مالاً كافياً للتسجيل اومقراً مناسباً او حتى زملاء ومعاونين بسبب معيقات امنية ..إدارية .. سياسية مشتتة لجهود المجتمع الثقافي وقد كنا ضمن معارضي تلك السياسات في سياق التجمع الوطني الديمقراطي .
جلست الى نفسي طويلا .... وجدت ان زمان تحقيق تراضي كفكرة قد لا يتأخر كثيراً ... إذ اصبح أمامنا فرص الحوار السياسي بشأن تطوير التجربة الديمقراطية المتاحة على صعيد البحث الفكري ... تحدثت الى الصديقين الراحلين الاستاذ محمد على المحسي , المراجع عال المهنية . والاستاذ طه ابراهيم جربوع المحامي اللامع . كان الوقت ليس الانسب ولكن حماسي الشخصي كان دافقاً , وقفا معي بنبلهما المميز في مرحلة التأسيس وهما يؤكدان الا شأن لهما بمهنة النشر وإن وضع اسميهما كمؤسسين مع اسمي الا انهما اودعا رأيهما الضافي لمجلس الادارة وادارة الشركات كقرار نافذ .
نعم لقد اكتمل تأسيس الشركة في 2005 الا ان تلك الخطوة لم تكن الا اعترافاً مهنياً في ظروف جديدة مشوبة بشك عميق ان تسمح تحت ظل النظام البائد في انجاح التجربة فكان القرار البدهي ان نساهم في انهاء التجربة الشمولية أولاً , وقد كان بفضل الله تعالي وثورة ديسمبر 2018 المجيدة.
خلال سنوات التأسيس الطويلة نسبياً وهي حوالي سبعة عشر عام انجزت الشركة كل التدابير الادارية المالية التي تعتمد عليها مستقبلاً من هياكل ادارية ومالية , كما عملت على استحداث مذكرات تفاهم وبرتوكولات تعاون مع شركاء عديدين , ستظهر القيمة الاضافية لتلك الشراكات مع الايام على ان تاج تلك الانجازات هو رمز الشركة وعلامتها التجارية .. التي تقدمها للشركاء والجمهور والعالم.
وللعلامة التجارية قصة مثيرة لعاطفة الانتماء للشركة . كنت ذات يوم في تسعينيات القرن الماضي وقد كنت مسافراً في الخريف من الفاشر الى نيالا . في الطريق كنت أشاهد بأعجاب ودهشة وامتنان لله تعالي جمال الخريف , فالسماء مدلهمة بالسحب الداكنة الممطرة وهى تترحل على فضاء عريض وواسع غير محدود , وعلى الارض الاعشاب والاشجار خضراء .. خضراء ... على مد البصر والمزارع مكسوة بخضرة المنتجات اياً كانت نوعها ‘ذرة او بقوليات او فواكه برية. من ناحية اخري وضمن تلك المظاهر الدالة على جلال الله تعالي ودقيق صنعه وعطائه وقفنا لدي شجرة قرض (تعرف في مناطق اخرى بالسنط) ضخمة في مجرى مياه (بركة طينية) ‘ وهكذا بدت تلك الشجرة الضخمة بساق بني اللون وسميك ضخم ‘ والاوراق داكنة الخضرة والنوار فاقعة الصفرة وبالمجمل تراها جميلة معتدلة القوام , قوية الشكيمة , تتحمل الاذى وتروى من المياه وهي في ذات الوقت دواء ومخدر وتعالج بها الجلود وشوكها مؤلم الطعن ‘ وهي بعد حصن منيع ‘ بيد انه جميل ومتماسك .
تلك الشجرة لم تمحى من ذاكرتي بتعاريج الاحداث , وهكذا عندما وصلت الشركة مرحلة إستحداث شعار رمزي لها , وقد تواترت الاقتراحات ‘ وردت شجرة القرض تلك وتراءت امامي الوانها الثلاث ( البني. الاخضر . الاصفر ) وعلى تعديلات اخرى استطاع أساتذة التشكيل في جامعة السودان كلية الفنون الجميلة والتطبيقية ان يخططوا بدقة الفنانين واحترافيتهم هذا الرمز الذي تمكن المستشار القانوني للشركة ان يجعل منه علامة تجارية وطنية ودولية من خلال جهده مع ادارة الملكية الفكرية بوزارة العدل في السودان .





